
الزعيم الكبير روبرت موجابي (84 سنة) أقام الدنيا ولم يقعدها وشغل الناس في العالم هذه الأيام بسبب الانتخابات الرئاسية التي دعا إليها أول أمس ، وهي تمثل جولة الإعادة المفترضة مع منافسه الأبرز وزعيم المعارضة (مورجان تسفانجيراي) ، وكانت الجولة الأولى قد جرت في مارس الماضي ، وفاجأ تسفانجيراي موجابي والجميع بفوزه الباهر في الانتخابات ، وكانت النتيجة أن موجابي رفض الاعتراف بالنتيجة أو الهزيمة ، وأجبر لجنة الانتخابات على وقف إعلانها ، ثم جرت أمور كثيرة استخدم فيها موجابي صلاحياته كرئيس الدولة لإجبار مؤسسات القضاء والبرلمان على الامتناع عن الاعتراف بنتيجة الانتخابات ، ثم جرت وساطات دولية وخاصة من جنوب أفريقيا توصل الفرقاء فيها إلى الموافقة على جولة إعادة بين الاثنين ، وما إن تم الاتفاق على جولة الإعادة وموعدها حتى نشط الرئيس موجابي في حملته الانتخابية على طريقته الخاصة ، فشن حملة اعتقالات في صفوف مناصري منافسه تسفانجيراي ، ولما وصلته التقارير تفيد بأن حملة الاعتقالات غير كافية قام بحملة تصفيات جسدية لأعضاء حزب تسفانجيراي ، ثم قام باعتقال نائبه واتهمه بالخيانة العظمى والجاسوسية ، فأدرك زعيم المعارضة أن الخطوة التالية ستكون باعتقاله هو نفسه وتعليق رقبته على باب زويلة (الزيمبابوي طبعا) ، فما كان من الرجل إلا أن أعلن انسحابه من انتخابات الإعادة رحمة بالشعب وبأعضاء حزبه من القتل ، ثم هرب إلى سفارة هولندا في هراري قبل أن تدركه أجهزة أمن موجابي ، وهنا غضب العالم كله من هذا السلوك المتعجرف والفج ، باستثناء روسيا والصين لعلاقات اقتصادية مع موجابي ، ولم يكن الغضب هذه المرة من بريطانيا أو أمريكا أو المجتمع الأوربي بشكل عام ، وإنما حتى من أصدقاء موجابي ، حتى أن الزعيم التاريخي لنضال أفريقيا "نلسون مانديلا" ندد علانية بسلوكه وتصرفاته ، رغم أن مانديلا شديد الحذر ونادر الاتهام للآخرين في المعترك السياسي المحلي أو الدولي ، ولكن موجابي أصم أذنيه عن سماع النصيحة ، وأصر على إجراء جولة الإعادة ، رغم أنه لا يوجد منافس له فعليا ، ولكنه أصر على أن يكتسح الانتخابات ، وتجاهل النداءات الدولية بتأجيل جولة الإعادة حتى تتوفر الأجواء الأمنية والسياسية الملائمة والعادلة ، وحتى كتابة هذه السطور لم تعلن نتيجة جولة الإعادة ، لكن صحف موجابي "القومية" أعلنت أن الإقبال على التصويت كان "تاريخيا" هذه المرة بالذات ، ونسبة التصويت "ستكون" صفعة على من اعترضوا على الزعيم الكبير "موجابي" ، وبالتالي فلنا أن نتوقع فوز "السيد الرئيس" بما لا يقل عن ثمانين أو تسعين في المائة ، الطريف أن منافسه المنسحب دعا مناصريه أن يصوتوا لصالح موجابي إذا طلبت منهم الأجهزة الإدارية أو الأمنية ذلك حماية لأنفسهم من الموت ، حيث كانوا يمرون على البيوت والمكاتب لأخذ الرقم المسلسل لأوراق الاقتراع الخاصة بهم والهوية الخاصة بكل واحد منهم لتقديمها إلى مسؤول حزب موجابي "الاتحاد الوطني الأفريقي" ، وكان بعض أنصار تسفانجيراي قد حاولوا استخدام الخداع للهرب من مطاردة رؤساء البلديات والقرى ومندوبي حزب موجابي ، فادعت مجموعة من المعلمين أنهم أميون لا يعرفون القراءة والكتابة ، فما كان من اللجنة الانتخابية إلا أن أخذتهم وأشارت إلى أماكن البصم أو التعليم في ورقة الانتخابات ، يعني ما فيش فايدة ولا مفر ! ، موجابي يقترب من الخامسة والثمانين من عمره ، وإذا مرت الانتخابات الحالية كما يريد هو فهذا يعني أنه سيبقى رئيسا للبلاد حتى التسعين من عمره على الأقل ، يا قوة الله ، وكان الحكماء قديما يقولون : من شاف بلاوي غيره هانت عليه بلوته !
______________________________
المصدر: http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=50533&Page=1&Part=8
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق